الأربعاء، نوفمبر 21

حوار مع مخترع سعودي

الدكتور سلطان بن عبد الرحمن الدهام، حصل على بكالوريوس الصيدلة من جامعة الملك سعود عام 1979م، دكتوراه في علم المايكروبولوجي من جامعة برادفورد ببريطانيا عام 1987م. نشر له أكثر من (13) بحثًا علميًا في مجلات عالمية متخصصة، وله بحوثًا على بعض الأعشاب الطبية مثل المرة وغيرها.عمل مدير للخدمات الصيدلية، ومشرفا على المختبرات الطبية في مستشفى قوى الأمن عمل مشرفًا على المختبرات الطبية، و مديرًا للشؤون الفنية في مستشفى قوى الأمن، وعضو في بعض الجمعيات والمؤسسات وأقسام الأبحاث.

يقول الدكتور سلطان الدهام: إن العرب والمسلمين لا يمتلكون الثقة الكافية في الاختراعات التي تكتشف في العالم العربي، في حين يرحبون بالاكتشافات الغربية، وأوضح أن هذه النظرة هي ما حدت بالمخترعين العرب إلى اللجوء للشركات في أوروبا وأمريكا كي تصنع منتجاتهم وتعطيها (اسمًا أجنبيًا)، وبالتالي يضمنون إقبال المواطنين العرب عليها، مؤكدًا أنه لو أعطى اسمًا عربيًا لأحد اختراعاته لما اشتراه أحد!

ويلفت الأنظار إلى أهمية الأسرة في دعم أبنائها علميًا، وتحفيزهم واكتشاف مهاراتهم وقدراتهم في وقت مبكر، ويقول: إن الأسر تعمل أحيانًا على دعم أبنائها لكن في أحايين كثيرة تعمل على وأد مواهبهم وعقولهم بسبب الأخطاء التربوية.

غير أنه أبدى تفاؤله بالمستقبل؛ لأن الوعي الاجتماعي تحسن كثيرًا عمًّا كان عليه في السابق، وأصبح الوالدان أكثر استيعابًا للأساليب التربوية الجيدة التي تخرج أجيالاً تمتلك الثقة والقدرة.

ويسرنا في الشبكة الإسلامية نقل الحوار الذي دار معه:

من خلال الواقع يتضح أن هناك مواهب كثيرة في المجتمع، لكنها لا تجد التشجيع والمكان الملائمين لتنمية مهاراتها، ما تعليقكم على هذا الكلام؟الوضع الحالي أفضل من السابق؛ إذ إنه لم تكن توجد جمعيات أو مؤسسات ترعى الموهوبين، أضف إلى ذلك فإن الوعي الاجتماعي قد تحسن كثيرًا عما كان عليه في السابق؛ فالوالدان في الوقت الحالي يحرصان على تربية أولادهما تربية علمية وأخلاقية في نفس الوقت، أما في السابق فنجد أن التربية تتركز على جوانب معينة لا تفي بالبناء العقلي للطفل.



كيف تكون رعاية الوالدين لأطفالهما من الناحية العقلية الإبداعية؟أولاً: دعنا نشير إلى نقطة مهمة في قضية النبوغ والإبداع، وهي قضية التشجيع من قبل الوالدين والأهل والمجتمع ككل، فالطفل – بطبيعة الإنسان – حينما يُشجع أو يُثنى عليه فإنه يسعى بشكل أكثر للتميز وتحسين الشيء الذي مدح فيه.

الأمر الثاني: مظاهر النبوغ والتميز تظهر لدى الطفل في سنواته الأولى، ولذا ينبغي على الوالدين التنبه للمرحلة العمرية المبكرة جدًّا؛ ففيها تظهر علامات النبوغ، ومن ثم تهيئة الوسائل البسيطة التي تعينه على تطوير موهبته؛ كالألعاب والأشرطة الصوتية أو السبورة والأقلام، ولو أتلف بعضها عن طريق الفك أو نحوه فإني لا أعنفه بل أطلب منه أن يحاول أن يرجعها إلى حالتها الأولى بطريقة التحدي مثلاً.

وهناك نقطة أخرى هامة في نظري، فبعض الأطفال لا يكون موهوبًا منذ ولادته، ولكن موهبته تظهر في فترات معينة عن طريق التربية المتزنة والتشجيع والتحفيز.

فالبداية الأولى في نظري تكون في المنزل، ولا ينبغي أن ننتظر المدرسة أو المجتمع حتى يأخذ بيد أطفالنا إلى التميز والابتكار، بل المدرسة والجهات المساعدة يأتي دورها بعد المنزل.

كما أن للإعلام دورًا مهمًا في تشجيع الموهوبين عن طريق اللقاء بهم ونشر ابتكاراتهم، ففيه تحفيز لهم على بذل المزيد، ورسالة غير مباشرة لغير المتميزين تحثهم على الاجتهاد.

هل للجانب المادي للأسرة دور في تنمية أو الحد من الموهبة لدى الطفل؟لا أرى أن للجانب المادي دورًا كبيرًا في هذا، المهم أن يكون هناك وعي من جانب الأسرة فقط.

دعنا ننتقل لاكتشافاتكم .. كيف بدأت مسيرتكم مع الاختراعات؟الحقيقة أن البداية في الاختراعات كانت في المرحلة الثانوية تقريبًا، حين دار حديث في مجلس عن المهارات الفكرية، وقدحت في عقلي فكرة لعبة إلكترونية يمكنها أن تقوم بذلك، فقمت بعمل نموذج للعبة، وأذكر أن حجمها زاد لدرجة أوحت بأنه مولد كهربائي لكثرة الأسلاك، وحينما رآه أحد الزملاء طلب مني أن أعرضه على إحدى شركات الألعاب لتطوره، وتصنع منه لعبة تُسوق على نطاق تجاري، فذهبت إلى مندوب الشركة الذي كان متواجدًا في السعودية، وطرحت عليه الفكرة، وأكبرها لكن عاد لي بعد قليل بلعبة مطابقة بنسبة 90% للعبة التي قمت بعملها، لكن لعبتهم كانت بالطبع أصغر بكثير، فمن هذه التجربة تولدت لديَّ الفكرة في الاختراع والابتكار.

أما المكتشفات العلمية التي منها محلول "إزالة الشعر" فبدأته عام 1407هـ حينما كنت في مرحلة الدكتوراه بجامعة براد فورد في بريطانيا حيث حصلت على تركيبته الأولية حينما كنت أبحث عن مواد المطهرات التي تكافح جراثيم محددة. وبعد الحصول على الدكتوراه تفرغت للموضوع، وأخذت أطور في التركيبة حتى وصلت لتركيبتها النهائية، وأخذت عليها براءة اختراع عام 1997م من بريطانيا.

ثم حصل هناك تطوير في المنتج من خلال تجربة الناس له وملاحظاتهم عليه، سميت المحلول "محلول سلطان" وتم تسويقه على نطاق تجاري متوسط، وكان الهدف من عملية التسويق تطوير المنتج فقط.

والحمد لله تلقيت اتصالات كثيرة جدًّا تثني على المنتج، مما حفزني على بذل المزيد لتطويره، والحمد لله بدأت الآن في تطوير المنتج تحت اسم تجاري آخر لتوسيع دائرة الاستهلاك.

نلاحظ أنكم استخدمت اسمًا أجنبيًا لمنتجكم، بدل الاسم العربي السابق، ما الهدف من ذلك؟هناك عدة أشياء دعتنا لهذا الاسم، منها أننا نريد تسويق المنتج على نطاق عالمي سواء في آسيا أو أوروبا، والمجتمعات هناك قد ترفض أو تشك في أي منتج يأتي من دول "العالم الثالث" أضف إلى ذلك أن مجتمعنا العربي على الأخص، تتغير نظرته للمنتج بحسب اسمه والشركة المنتجة له؛ إذ إنه ليس لديه قناعة بالمنتجين أو المخترعين العرب والمسلمين.

ما الذي يميز منتجكم عن بقية المنتجات الأخرى التي تعج بها الأسواق؟المنتج الذي استغرق إنتاجه من (8 – 10) سنوات يتميز بعدة مميزات أهمها أنه منتج طبيعي ليس له تأثيرات جانبية، وذلك بحسب دراسات محايدة قامت بها كلية الصيدلة في جامعة الملك سعود، كانت تهدف إلى معرفة ما إذا كان للمنتج أضرار جانبية بعد (10 أو 20) سنة من استخدامه، وظهرت نتائج البحوث بعدم وجود أي أضرار جانبية، إضافة إلى أنه يعمل على بصيلات الشعر، وليس على الشعر نفسه، فهو منتج لا يزيل الشعر، وإنما يوضع على الجلد بعد إزالة الشعر لإضعاف البصيلة فقط، فالشعرة حينما تخرج، تخرج بشكل ضعيف لا يمكن أن تُرى.

هل تعني بذلك أنه يقوم مقام الليزر في إزالة الشعر؟أرى أنه يقوم مقام الليزر لكن بشكل أفضل، ودون أية أضرار جانبية أو مستقبلية؛ إذ إن بعض النساء اللاتي قمن باستخدام الليزر أثر سلبًا عليهن بأن زادت كثافة الشعر أو سرعة نموه، وهذا راجع إلى أن الليزر يقوم بعملية تدمير للبصيلة أو تغيير لخصائصها، مما يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، أما المنتج فهو آمن جدًّا على البشرة، ويخلو من أي نتائج عكسية.

هل كان اختراعكم ناتجًا عن إحساس بالمشكلة التي تعانيها النساء، أم أنه جاء مصادفة بحثية؟الحقيقة أنه لم يكن ناتجًا عن إحساس بالمشكلة بقدر ما كان مصادفة بحثية جاءت لأن المحلول الذي كنت أبحث فيه كان يزيل الشعر، علاوة على كونه مطهرًا، وبعده بدأت في التطوير.

رأينا لديكم بعض المخترعات التي لا تنتمي إلى تخصصكم الطبي، هل لكم أن تلقوا الضوء عليها؟ وما سبب توجهكم إليها؟الحقيقة أن هذه المخترعات ناتجة عن إحساس بالمشكلة، والنظر إلى بعض الأحداث اليومية من زاوية أخرى غير التي ينظر إليها الناس؛ إذ أنتجت هذه الرؤيا بعض المخترعات أو الابتكارات العلمية التي تساعد الإنسان في حياته اليومية، فقد مررت ذات يوم بأحد الأشخاص وقد حمل دراجات أطفاله فوق سيارته، وقد كان شكلها لافتًا للنظر بشكل يدعو للضحك، غير أني حاولت أن أنظر للموضوع من زاوية أخرى ماذا لو استفدنا من احتكاك الهواء أثناء تحرك السيارة؟ وتطوّرت الفكرة في النهاية لتصل على مبتكر سأعلن عنه لاحقًا إن شاء الله.

أما المبتكرات الأخرى، فلدي مبتكر عبارة عن طوب (بلك) بناء يساعد البنائين على تجنب التكسير عند مد أسلاك الكهرباء في المباني المنزلية، وسيبدأ تسويق هذا المبتكر بشكل تجاري خلال الفترة القادمة إن شاء الله.

كما أن لدي فكرة أقوم الآن بعمل الاختبارات النهائية عليها، تساعد المسافر أو قائد السيارة حينما تتوقف فجأة، ولا يُعرف العطل، أو لا توجد حوله ورشة صيانة، وعلى صعيد السيارات قمت أيضًا بابتكار إطار للسيارة يكون مقاومًا للانفجار، بطريقة لم تُقدم سابقًا.

ــــــــــ

الإسلام اليوم، العدد12

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق